شهدت المناظرة التلفزيونية التي جمعت مساء الثلاثاء في فيلادلفيا، بين مرشحي الرئاسيات الأمريكية، دونالد ترامب وكامالا هاريس، سجالا محتدما، على بعد أقل من شهرين من إجراء الانتخابات.
فقد تبادل الرئيس الأمريكي السابق ونائبة الرئيس الحالية، الانتقادات المباشرة، سعيا منهما لإقناع شرائح واسعة من الناخبين الأمريكيين الذين لم يحسموا قرارهم بعد بشأن التصويت. وخلال ظرف زمني تجاوز التسعين دقيقة، على قناة “إي بي سي” الإخبارية، أتيحت الفرصة لكل من كامالا هاريس ودونالد ترامب من أجل بسط رؤاهما، التي تباينت لتبلغ حد التناقض أحيانا، وذلك بشأن عدد كبير من القضايا الشائكة والمثيرة للجدل، تنوعت بين الاقتصاد والهجرة، والسياسة الخارجية، إلى قضايا المناخ وقيم الأسرة الأمريكية. ولم تغب قضية الهجرة، التي ترد بشكل متكرر في المناظرات الرئاسية، عن هذه المواجهة. إذ جدد دونالد ترامب، الذي سَنَّ سياسات صارمة خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى (2016-2020)، وعيده بطرد “ملايين المهاجرين غير القانونيين”، الذين يتهمهم بكونهم مجرمين مدانين وأشخاصا أقاموا سابقا في مصحات للأمراض النفسية، والذين “يرتكبون جرائم شنيعة في الولايات المتحدة”. واستنكر الرئيس السابق كون “ملايين المهاجرين يواصلون التدفق إلى بلادنا بسبب السياسات المتساهلة لإدارة بايدن”، مجددا التعبير عن رغبته في نشر قوات الجيش على طول الحدود مع المكسيك بهدف منع عمليات العبور غير القانوني إلى الولايات المتحدة. وبهذا الخصوص، سعت هاريس إلى تبني موقف حازم، وإن كان أقل صرامة من منافسها، بهدف التخلص من صفة عدم الكفاءة التي حاول ترامب نعتها بها. وذكرت المرشحة الديمقراطية بمكافحتها، أثناء فترة عملها مدعية عامة لكاليفورنيا، لمنظمات تهريب المخدرات والبشر، دون التطرق إلى سياسات واضحة بشأن الهجرة. وخاطب ترامب الصحافي ديفيد موير، الذي أدار المناظرة إلى جانب زميلته لينسي ديفيس: “اسألها لماذا لم تفعل أي شيء خلال السنوات الثلاث والنصف التي كانت فيها نائبة للرئيس؟”. وعلى الصعيد الاقتصادي، لا تختلف أجندتا المرشحين بشكل جوهري حول الأهداف، إذ يتعهد ترامب وهاريس، كل على طريقته، بالعمل على خفض الأسعار وإحداث فرص العمل وتحسين دخل الطبقة الوسطى. وإذا كانت هاريس ترغب في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات التي ترفع الأسعار، وفي توسيع الاستفادة من الإعفاءات الضريبية للأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض، فإن ترامب يعتزم تنفيذ برنامج واسع من التخفيضات الضريبية والسياسات التجارية الحمائية، وخاصة ضد الصين. وشكلت قضية الإجهاض، التي اكتسبت أهمية خاصة في الآونة الأخيرة، أحد أبرز نقاط الخلاف بين المرشحين. إذ تعهدت هاريس، التي تعتبر الحق في الإجهاض راسخا، بمنع الولايات من حظر هذا الإجراء في المراحل المبكرة من حياة الجنين، فيما اتهمها منافسها بالرغبة في السماح بالإجهاض في أي مرحلة من مراحل الحمل. ووصف ترامب منافسته بـ”اليسارية الراديكالية” التي تريد السماح بالإجهاض “في الشهر السابع والثامن وحتى التاسع”، وهو الاتهام الذي دحضته نائبة الرئيس بشكل قاطع، مؤكدة أنه “لا يمكن السماح بالإجهاض إلا في حالات معينة”. وفي صفوف الحزب الجمهوري، أكد ترامب -رغم معارضته للتوقيع على قانون فدرالي لحظر الإجهاض، أنه يتعين السماح للولايات بتبني القيود التي تختارها. وفي مجال السياسة الخارجية، تتباين الرؤى بشأن قضايا الشرق الأوسط، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وكذا أفغانستان. وإذا كان المرشحان قد عبرا عن دعمهما للدولة العبرية، فقد أبرزت كامالا هاريس ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار من شأنه أن ينهي الحرب في غزة، وينقذ الأرواح ويضمن إطلاق سراح الرهائن، ويمهد الطريق في الآن ذاته نحو حل الدولتين. من جانبه، أكد دونالد ترامب أن “هذه الحرب لم تكن لتندلع لو كنت رئيسا”، كما هو الشأن بالنسبة للصراع بين روسيا وأوكرانيا. وفي هذا الصدد، جدد ترامب وعده بإنهاء هذا الصراع “في اليوم الأول” من ولايته الرئاسية في حال انتخابه، معتبرا أن الحرب نشبت بسبب “عدم احترام” قادة العالم للرئيس الحالي للولايات المتحدة ونائبته. وردا على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن انتصار أوكرانيا على روسيا يخدم مصالح الولايات المتحدة، أجاب ترامب بأن “المصلحة العليا للولايات المتحدة تتمثل في إنهاء هذه الحرب”.