بقلم: د. مصطفي محمود
أيام زمان.. لم تكن المرأة في حاجة إلى أي مجهود لإجتذاب الرجل.. فهو دائمًا مجذوب من تلقاء نفسه.
كان مجذوباً.. لأنه لم يكن يعثر لها على أثر.. كان يعيش في عالم كله من الرجال ويعمل في عالم كله من الرجال.. وكانت المرأة شيء شحيح نادر لا يظهر في الطرقات..
ولا يظهر في المدارس.. ولا في المكاتب.. وإنما يختبئ في البيوت داخل عباءات وملاءات وجلاليب طويلة..
ولم يكن هناك طريق للوصول.. إليها سوى أن يتزوجها على سنة الله ورسوله بدون معاينة وبدون كلام كثير.
ولم تكن المرأة في حاجة إلى ترويج بضاعتها لأنها كانت رائجة تتزاحم عليها المناكب.. ويأتيها الزواج حتى الباب..
ولكن الظروف الآن تغيرت تمامًا!
خرجت المرأة من البيت إلى الشارع.. نتيجة ظروف وعوامل كثيرة فأصبح الرجل يتمتع برؤيتها بكم قصير.. وصدر عريان.. وأخيرًا بالمايوه.. كل هذا ببلاش.. بدون زواج..
ونتيجة هذا التطور، كانت نتيجة خطرة..
لقد بدأنا نشبع من رؤية النساء بالروج والشورت والمايوه..
ولم تحمل لنا الحياة الجديدة متعة الرؤية فقط.. وإنما حملت لنا أيضاً متعة أخرى هي.. الهزار.. والمزاح بحكم الزمالة في العمل ورفع الكلفة.. والجري واللعب.. وتناول الغداء معا والعشاء معا.. والذهاب إلى السينما والمشارب والمطاعم..
وهكذا فقدت المرأة هيبتها.. وأصبحت قريبة وسهلة. وهذه السهولة أبعدت فكرة الزواج من ذهن الشباب أكثر وأكثر..
وعندما أصبحت المرأة تشارك الرجل في عمله وكفاحه وعرق جبينه.. أصبح لها مثله الحق في أن تروح عن نفسها وتستمتع وتقضي وقتا طيباً لذيذاً.. تنسى فيه العمل و مشاكله..
ولكن كيف تستمتع.. والرجل لا يريد الزواج ويهرب منه..
لا مفر إذن من أن تتنازل عن تمنعها التقليدي وتسمح بقبلة أو حضن او غير ذلك..
أعطت المرأة نفسها للرجل وهي تبكي في حرقة.. وتقول: إنها تفعل ذلك بسبب الحب والغرام له وحده.. تقول إنها لحظة ضعف.. ولن تعود.. إلا إذا كانت هناك وعود وعهود..
ولكن الرجل غالبًا ما يسمع هذا الكلام من أذن ويخرجه من أذن أخرى.. وينام على هذه اللذة المجانية.. وينسى حكاية الزواج أكثر وأكثر..
أصبح الرجل يتردد في الزواج أكثر فأكثر
أصبح يرى الزواج مجازفة تقتضي منه كل شجاعته!
أصبح الرجل يرى الزواج تضحية.. تضحية بحريته وراحة باله في سبيل إقامة بيت لا يعرف مصيره و بأنه سوف يصبح ربًا وسيدًا وقواماً على أسرة وسيصبح عبداً لألف حاجة وحاجة وألف طلب وطلب وخادماً لأصغر فرد في هذه الاسرة..
ثم إن لذة المرأة الكبرى هي أن تحبل وتلد وتكون أماً وملكة على بيت وأسرة.. وصانعة لجيل جديد تربيه وترعاه.. وزوجة لحبيب تؤنسه.. ويؤنسها.. وتتمنع بعشرته وحنانه وحبه واحترامه..
وكيف تصل المرأة إلى هذه الغاية.. في هذه الظروف الجديدة التي قلبت المقاييس.. وقلبت المرأة رجلًا والرجل امرأة؟
إن الحل الوحيد هو أن تكف عن إعتبار جسدها وجمالها وأنوثتها وسيلة كافية وحدها لإجتذاب زوج..
إن الرجل الجديد طماع.. إنه يطلب أكثر..
والأكثر هو أن تكون للمرأة قيمة في ذاتها.. أن تكون على قدر من الذكاء.. على قدر من التعليم..