بقلم الكاتب الدكتور هشام خلوق صالح.
هو اعتراف بداية السنة…
الملل المتسلل قاتل متسلسل، وأنا المجرم والضحية…
كثيرا ما أثر على حياتي الاجتماعية، وكثيرا ما أفشل مخططاتي الحياتية…
ملول في الحب والكره، والقرب والبعد، والسير والتوقف، والحرب والسلام، مع نفسي ومع الأنام… أملّ حتى من أقرب الناس إلي، وكثيرا ما أملّ نفسي، فأفر منها إلى النوم…
أنا أناني، من الأنا وليس من الأنانية، وحين تجتمع الأنا بالملل يزمن القرار ويتطرف، وأدمن الفرار … أفر من كل شيء ومن الجميع، إلا الله أفر منه إليه…
الوصول للهدف يحتاج للإصرار والاستمرار، والانفتاح على الآخر…
ولأنني أعاني إزمان السأم، أغير الطريق قبل اكتمالها، ولا أستمر حتى مع نفسي…
ولأنني قليل الصبر، فإن الطريق الرئيسية والمعبدة لا تروق لي، ودائما ما أقف في منتصفها لأجلس، أو لأرجع، أو لأبحث عن طرق فرعية أقل مللا من الطريق المعبدة، التي رغم حبي لها أتركها…
ولأنني لست من محبي الترف، كانت جميع اختياراتي في الحياة عشوائية وصعبة، وحين يصبح الصعب سهلا أمله، وأتركه باحثا عن غيره…
مراوغة الملل تلخص دفتر حياتي، وكثيرا ما ترجمته كتاباتي…
العلاقات التي أبدل الوقت لبنائها، أهدمها حين يقترب اكتمال البناء…
والكتب التي أبذل المجهود في كتابتها، أتركتها بعد الوصول لصفحاتها الأخيرة أو لنصفها، وهي في مجموعها لحد الآن أربعة عشرة كتابا أو أكثر، أغلبها حين اكتمل، اكتمل معها مللي، وفررت منها لغيرها، وكلما قررت الرجوع إليها وطباعتها ونشرها، أضفت إليها مشاريع كتابات أخرى.
قوتي في صنعة وسرعة الكتابة، وضعفي في قوة الملل. أتنفس الأفكار والأشعار، وأتنقل بين الشعر والنثر كمن يتنقل بين الإيمان والكفر، وبين التخصصات العلمية والأدبية المختلفة كمن يتنقل بين غرف النوم المريحة. الكتابة بالنسبة لي فعل مريح وسهل، والسهل يقتله الملل…
كنت قد بدأت قبل أشهر كتابا عن القتلة المتسلسلين، ونشرت بعض حلقاته الدموية عبر صفحتي، وحين اقترب إكتماله، توقفت لأفتح نافذة أخرى، ثم أخرى، ثم أخرى… ثم عاودني الشوق مؤخرا لإنهاء كتاب المجرمين، وبدأت أبحث عن أشر القتلة الذين لم أذكرهم في الكتاب، فوجدت نفسي أخطرهم، وبدأت في نشر مقاطع من سيرتي…
فكانت “سيرة القلم”…
لكن… ومع بداية السنة الجديدة 2022 بدأ الملل يتسلل لنفسي، وقد تتحول “سيرة القلم” ل”سيرة الملل”، وقد أتركها قريبا لغيرها…