بقلم الدكتور أحمد أزوغ /
لو استراح عبد الإله بنكيران من السياسة بمعاشه المريح لكان خيرا له. الآن أتأكد أن بنكيران ومن ورائه الحزب ليس له أي مشروع جاد. مثله مثل كل الاحزاب التي في الساحة. تكرار إرادة ونية محاربة الفساد دون كفاءة لا فائدة منه.
أتذكر يوم كان بنكيران رئيسا للحكومة وكنت مسؤولا في الحزب وهو يشتكي لنا كيف أن الأحرار يرفض تطبيق الدعم المباشر للفقراء بدعوى خوفه من أن تعتبر الطبقة الفقيرة ذلك كفعل إحساني يرفع من شعبية العدالة والتنمية. اليوم ها هو يعيد نفس الاتهام في الاتجاه الآخر، ويتهم الأحرار برشوة النخبة عبر زيادة أجور الأساتذة الباحثين.
السياسي الواعي المسؤول لا يضرب فئة اجتماعية بفئة اجتماعية أخرى، بل يحاول فهم وضعية كل فئة وحل مشاكلها دون ألاعيب سياسوية.
نعم يجب تحسين أجر أستاذ التعليم الأولي والثانوي، وتحسين وضعه القانوني عبر إدماجه كموظف في الدولة، لكن قول أن أجر الأستاذ الجامعي لا تجب زيادته هو جهل تام بالقطاع. هل رفع بنكيران أجرة أستاذة التعليم الأولي والثانوي في ولايته أو ولايات حزبه؟ ألم يكن هو من فتح باب الوضعية الهشة والمهتزة للتعليم الأولي والثانوي عبر نظام التعاقد الغبي؟
لو كان لبنكيران أدنى دراية بواقع التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب وكيف تغادره الأطر العليا بسبب الأجر المتوسط الذي يتقاضاه الأساتذة الباحثون مقارنة مع العمل في الشركات الخاصة أو الخارج كخبراء ومقارنة بطلبتهم الذين يكونونهم لما تفوه بهاته الكلمات.
لو علم بنكيران أهمية أن تطور دولة سيادتها وقوتها عبر البحث العلمي عوض أن تعتمد في ذلك على استيراد الإنجازات العلمية الجاهزة من الخارج لما تفوه بتلك الكلمات. نفرح باستقبال بلدنا لعدد من الاستثمارات، لكن كم من هاته الانجازات طورت أو اكتشفت في المغرب؟
نفس الشيء وقع ويقع في مجال الصحة العمومية حيث أن وضعيته الكارثية أهم سبب فيها هو الأجر المتواضع الذي يتقاضاه الطبيب في الدولة مقارنة مع الطبيب في الخاص.
مع مثل هؤلاء المسؤولين أفهم الآن لماذا تقهقر البحث العلمي إلى أدنى مستوياته خلال هاته السنوات ولماذا تجمد التوظيف الجامعي تقريبا كما وقع وقت حكومتي بنكيران والعثماني.
أحمد الله أنني نزلت من مركب العدالة والتنمية منذ مدة. حزب حافل بأطر طيبة خلوقة كفؤة في مجالاتها. لكنها تدار بعقلية الولاء للزعيم والتي لا تسمح بتطوير أي مشروع مجتمعي سوى إعلان النوايا الذي لا يسمن ولا يغني عن تخلف.