شدد الملتقى المغربي الإفريقي الأول للطب الرياضي الذي اختتمت فعالياته بأكادير يوم السبت ثامن يونيو، على ضرورة إيلاء الطب الرياضي المكانة التي يستحق في المنظومة الرياضية، كرافعة أساسية لا محيد عنها في أي إستراتيجية وطنية تروم تطوير الرياضة، والإرتقاء بالتكوين إلى مستويات عالية لتشمل كل مناحي التدخل الطبي في تأمين الممارسة الجماهيرية السليمة للرياضة، وفي صناعة الإنجاز الرياضي.
وتحول الملتقى الذي نظمته الجمعية الجهوية للطب الرياضي سوس ماسة، والذي صادف نجاحا على كافة المستويات، وحضره عدد كبير من الأطباء الرياضيين الوطنيين والأفارقة، إلى منصات لنقاشات علمية عميقة لامست الكثير من الجوانب المتصلة بعمل الطبيب الرياضي، كما تضمن الملتقى ورشة خاصة بمكافحة التعاطي للمنشطات، من خلال عروض لأساتذة وباحثين متخصصين، وورشة خاصة بالإعداد الذهني للأبطال الرياضيين.
الطب الرياضي والإعلام
وخَصَّص المحور الرابع من المنتدى المغربي الإفريقي الأول للطب الرياضي، المنظم من الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، والذي جرى صبيحة يوم السبت 08 يونيو 2024، برحاب كلية الطب والصيدلة بمدينة أكادير، حيزا مهما لممارسة الطب الرياضي ودور الصحافة في التنمية الرياضية بالمغرب، حيث كان موضوع ندوة شارك فيها الأستاذ بدر الدين الإدريسي، رئيس الجمعية، والدكتور منصف اليازغي، المختص في التشريع الرياضي، بحضور كفاءات إعلامية وطبية رائدة على المستوى الوطني.
وخلال هذه الندوة التي سيرها الزميلان محمد الروحلي، وعادل العلوي، نائبا رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، سلط الأستاذ بدر الدين الإدريسي الضوء على دور الصحافة في التعريف بالأهمية الإستراتيجية للطب الرياضي في المنظومة الرياضية الوطنية، حيث أكد على أن أهمية هذا الملتقى تمكن في أن سياقاته الزمنية تتسم بأهمية كبيرة، لأنه يفتح العديد من منصات النقاش العلمي حول مفاصل الطب الرياضي في تطورها المضطرد والمتنامي، معتبرا أن انفتاح الدورة الأولى على المحيط الإفريقي، جاء إيمانا بالدور الذي اختار جلالة الملك أن يلعبه المغرب في نهضة إفريقيا وتنميتها.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن محور هذه المداخلة يسائل بعمق الإعلام عن الأدوار التي يمكن أن يلعبها في تعزيز مكانة الطب الرياضي داخل منظومة الفعل الرياضي، لأن صناعة الإنجاز وبناء المجتمع السليم لا تتحقق دون مساهمة فعلية للطب الرياضي. مرجعا ذلك إلى النضالات التي قام بها لفيف من الأطباء الرياضيين المغاربة، من أجل التوعية بأهمية هذا التخصص، وكذا حاجة الرياضة الوطنية في سعيها لتمثل دور الرافعة الاستراتيجية للتنمية المستدامة إلى الطب الرياضي ليكون حاضرا بقوة في الفعل الرياضي.
وأوضح الإدريسي أنه ورغم عدم مأسسة العلاقة بين الطب الرياضي والإعلام بما يضمن قنوات مستدامة للعمل المشترك الذي يصب في مصلحة الرياضة الوطنية، إلا أن كل الملتقيات والندوات العلمية التي نظمت بالمغرب تشهد على أن الإعلام الرياضي كان وما يزال فاعلا في كل المبادرات التي تمت في هذا الشأن.
وحملت مداخلة الإدريسي بعض الأسئلة المقلقة، وأولها مكانة الطب الرياضي داخل المنظومة الرياضية، وما هي العلاقة المفترض أن تكون بين الطبيب الرياضي والمؤسسة الرياضية؟ وكذا نوعية العلاقة الواجب أن تربط بين الطبيب الرياضي والمؤسسة الرياضية التي يجب أن تمثله؟ وكيف هي علاقة الطبيب الرياضي بالمدرب، وما هو دور الطبيب الرياضي في صناعة الإنجاز الرياضي؟
وتطرق الدكتور منصف اليازغي للمكانة التي يحتلها الطب الرياضي داخل التشريع الرياضي الوطني، مستعرضا مسار التشريع المغربي في ما يتعلق بالطب الرياضي، مقسما عرضه إلى ثلاثة محاور: هم الأول الفترة ما بين 1941 و1959، والتي شهدت صدور أول ظهير للجمعيات، بعدما كان التشريعات السابقة محصورة في قرارات تهم أساسا الرهان الرياضي وسباقات الخيول والكلاب.
وعن سبب بداية تأريخه من سنة 1941، أكد اليازعي أن خسارة فرنسا أمام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، اعتبرت حينها بسبب غياب الروح الوطنية لدى الفرنسيين، وبالتالي كانت الحاجة إلى ميثاق رياضي لبعث الروح الوطنية لدى الفرنسيين، وهو ما شكل محور زيارة وزير التربية الوطنية والشبيبة والرياضة الفرنسي آنذاك، جون بوروترا، إلى المغرب في أبريل من سنة 1941 قصد الترويج لهذا الميثاق، الذي كان إشارة لبداية التشريع الرياضي بالمغرب.
وبخصوص المحور الثاني فقد هم الفترة ما بين 1989 و2008، واعتبرها اليازغي فرصة ضائعة، بسبب الفقر التشريعي، حيث أن الرياضة ظلت تشتغل بمنطق الجمعيات الرياضية لمدة ناهزت 30 سنة، قبل أن يتحفز المشرع المغربي خلال حقبة الثمانينات، فجاء قانون التربية البدنية 06.87، قبل أن تأتي المناظرة الوطنية سنة 2008، التي حركت المياه الآسنة، بعدما عاشت الرياضة الوطنية من أزمة نتائج.
وشهدت المرحلة الثانية من سنة 2009 حتى 2024 كثافة تشريعية، بدأت بقانون 51.08، الذي نص على إحداث اللجنة الوطنية لمكافحة المنشطات، في أكتوبر من 2010 جاء قانون التربية البدنية 30.09، الذي حمل قسما خاصا بالمراقبة الطبية، ثم في نونبر 2011 صدر مرسوم تطبيقي لهذا القانون، وفيه تم تحديد نموذج الدفتر الطبي المجاز.
وفي شتنبر من سنة 2017 تم صدور قانون مكافحة المنشطات، وأيضا إحداث الوكالة المغربية لمكافحة هذه الآفة.
تكريم
وشهد الملتقى تكريم قامتين طبيتين، من قبل الجمعية الجهوية للطب الرياضي سوس ماسة والجمعية المغربية للصحافة الرياضية، ويتعلق الأمر بالدكتور بوجمعة الزاهي الطبيب السابق للفريق الوطني والطبيب السابق لنادي الجيش الملكي، وكرمت الجمعية المغربية للصحافة الرياضية بذات المناسبة الدكتور محمد بيزران رئيس الجمعية الجهوية للطب الرياضي سوس ماسة، الذي بذل مع أعضاء الجمعية وفريق العمل جهودا مضنية ليحقق الملتقى الأول نجاحا منقطع النظير.
التوصيات
وخرجت ندوة “ممارسة الطب الرياضي ودور الصحافة في التنمية الرياضية بالمغرب”، بعديد التوصيات نجملها في ما يلي:
– تفعيل كل التوصيات المخرجات التي ستصدر عن الملتقي الوطني الأول للطب الرياضي.
– ضرورة بداية الملتقى في نسخه المقبلة بالانفتاح أكثر على الأطباء الرياضيين الأفارقة، ليكون لهم منصة للتكوين وتبادل الخبرات والمساهمة في تعزيز مكانة الطب الرياضي في الحركة الرياضية الإفريقية.
– ضرورة التفكير في نقل الملتقى في نسخه المقبلة إلى الدول الإفريقية الصديقة الشقيقة لمزيد من الإشعاع.
– التأكيد على الدور المهم للطب الرياضي في أي استراتيجية تروم تطوير الرياضة الوطنية وتعزيز مكانته داخل المؤسسات الرياضية.
– العمل على إبراز الطب الرياضي بكل تخصصاته في منظومة التكوين في الكليات والمعاهد المتخصصة في مجالات الطب والصيدلة.
– تشجيع البحث العلمي على إجراء بحوث ترمي إلى رصد المساحة التي يحتلها الطب الرياضي في المجتمع بهدف تطويرها.
– التشجيع على إصدار معجم طبي يتضمن تعريب المصطلحات الطبية ويعرف بالإصابات الشائعة وتشخيصها وعلاجها، وقبل ذلك الوقاية من حدوثها، لغاية استعمالها إعلاميا.
– مأسسة العلاقة بين الإعلام والطب الرياضي لتعميق العمل المشترك الهادف إلى تطوير الرياضة الوطنية.
– إطلاق جمعية الطب الرياضي والإعلام الرياضي، بمعية شركاء آخرين حملة للتحسيس بممارسة الرياضة في كل فئات المجتمع.
– إحداث تخصص الطب الرياضي داخل جامعة محمد الخامس.
– انفتاح أكثر لوسائل الإعلام العمومي، على وجه الخصوص، على أعمال الوكالة، والتحسيس بخطورة تعاطي المنشطات، ليس فقط وسط المجازين، بل أيضا الهواة عبر وصلات تحسيسية.
– نقل الشراكات القائمة بين الوكالة والإعلام الرياضي من تغطية الأنشطة والندوات إلى إغناء رصيد الصحافي من المعطيات حول دور الوكالة ومجالات تدخلها والوسائل المتاحة أمامها.
– توعية الجامعات والأندية بمضمون قانون مكافحة تعاطي المنشطات ومرسومه التطبيقي.
– مصاحبة الترسانة القانونية الحالية بتعديلات تتماشى مع التطورات المتلاحقة.
– إحداث قانون منظم لمهنة الطب الرياضي.
– رفع الاعتمادات المخصصة من طرف الأندية للطب الرياضي.
– توسيع مجالات تدخل الطبيب الرياضي خلال التظاهرات الرياضية، بدل اقتصارها على الممارسين فقط.
– تحديد مجالات التدخل خلال مباريات كرة القدم، التي تشهد تواجد فرق الوقاية المدنية وأطر وزارة الصحة.
– ضرورة توفير الإمكانيات اللازمة لاشتغال الأطباء الرياضيين، وتمكينهم من ممارسة مهامهم بشكل يضمن الفعالية.
– نقل الشراكات القائمة بين الوكالة والإعلام الرياضي من تغطية الأنشطة والندوات إلى إغناء رصيد الصحافي من المعطيات حول دور الوكالة ومجالات تدخلها والوسائل المتاحة أمامها.
– توعية الجامعات والأندية بمضمون قانون مكافحة تعاطي المنشطات ومرسومه التطبيقي.
– مصاحبة الترسانة القانونية الحالية بتعديلات تتماشى مع التطورات المتلاحقة.
– إحداث قانون منظم لمهنة الطب الرياضي.
– رفع الاعتمادات المخصصة من طرف الأندية للطب الرياضي.
– توسيع مجالات تدخل الطبيب الرياضي خلال التظاهرات الرياضية، بدل اقتصارها على الممارسين فقط.
– تحديد مجالات التدخل خلال مباريات كرة القدم، التي تشهد تواجد فرق الوقاية المدنية وأطر وزارة الصحة.
– ضرورة توفير الإمكانيات اللازمة لاشتغال الأطباء الرياضيين، وتمكينهم من ممارسة مهامهم بشكل يضمن الفعالية.